من العوامل الإيجابية في تدعيم العلاقة بين المدرسة والآباء أن تناقش معهم تفوق أبناءهم وليس التطرق فقط إلى المشكلات التحصيلية التي يعاني منها بعض الأبناء .شهد العالم خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي تحولات وتغييرات جذرية وسريعة طالت شتي مناحي العلم والمعرفة واتسمت بالتدفق المتلاحق وخاصة في مجال تقانة المعلومات , وكان لهذه الطفرة المعلوماتية تداعياتها المختلفة على كافة النظم الاقتصادية والاجتماعية في العالم.
وقد أدي هذا إلى إحداث تغير متسارع في النظم والمعايير والمؤسسات الاجتماعية المختلفة وكان لوسائل الإعلام الدور الكبير في تبني هذه التغييرات وتحقيق الانفتاح الإعلامي والحضاري العالمي وما تطلبه ذلك من إعادة النظر في آليات إدارة الاقتصاد على المستوى الوطني والعالمي واستلزم ذلك كفايات علمية وتقنية متعددة فرضت على التعليم كعنصر من عناصر النظام الاجتماعي أن يسعى من خلال سياساته وبرامجه إلى تبنيها تحقيقا لمتطلبات السوق العالمي وكان على المؤسسات التربوية أن تضع استراتيجيات مختلفة ومتجددة للوصول إلى ذلك من خلال التركيز علي سبيل المثال وليس الحصر على الجوانب التالية :
• الابتعاد عن التلقين والتركيز علي تعليم كيفية التعلم.
• الاستفادة من المؤسسات المجتمعية والعمل علي إشراكها في تحقيق الأهداف.
واتجهت تبعا لذلك معظم الدول ألي إعادة النظر في أنظمتها التربوية ووضع خطط عاجلة للإصلاح التربوي خاصة وان التعليم قضية مجتمعية لابد أن يشارك فيها جميع الأطراف ( الأسرة والمدرسة –الهيئات الخاصة السياسيون والمثقفون وغيرهم).
وفي هذا الإطار أصبح العبء علي المدرسة كمؤسسة اجتماعية أكبر لكي تتسم بالفاعلية وان تكون ذات رؤية واضحة ومرنة تتطلب القيام بأدوار جديدة تنحي عن التقليدية المتمثلة في تعليم الأبناء العلوم والمعارف فقط و بشكل منفرد ولتحقيق ذلك تضمنت برامج التطوير التربوي أبعادا جديدة كان من أهمها إعطاء دور أكبر لأولياء الأمور للمساهمة في دعم العملية التعليمية من خلال المساندة والمتابعة المستمرة للتحصيل العلمي لا بنائهم وكذلك دعم دور المدرسة في المجتمع المحلي. فالمدرسة لا تستطيع تطوير عملها وتحقيق أهدافها والمضي قدما في هذا الطريق دون عمل مخطط وجهد منظم ومشترك مع أولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المحلي.
إن العمل علي تعزيز هذه الدور وتقويته يتطلب الوقوف على الأهداف المتوخاة من هذه المشاركة والتي نوضحها فيما يلي:
• تحسين الأداء الدراسي للأبناء فالعديد من الدراسات والبحوث التربوية تؤكد علي وجود علاقة إيجابية بين مشاركة أولياء الأمور ومستويات تحصيل الطلبة وسلوكياتهم واتجاهاتهم.
• والهدف الثاني يتمثل في إن مشاركة أولياء الأمور تعمل على زيادة دعم المجتمع للعملية التربوية التعليمية , حيث يسعي أولياء الأمور عن رضا وقناعة وتأييد تام إلى مساندة خطط إصلاح التعليم وتطويره وذلك من خلال تقديم الدعم المعنوي والمادي كلما أمكن ذلك.
ولدعم هذه المشاركة كان علي المدرسة والمعلمين أن يقفوا علي الأمور التي تهم أولياء الأمور فيما يتعلق بتعليم أبنائهم فقد تناولت إحدى الدراسات التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية هذا الشأن من خلال استبيان وزع علي أولياء الأمور هدف إلى الوقوف على رؤاهم واهتماماتهم فيما يتوقعونه من المعلمين وقد تضمن الاستبيان الآتي:-
• هل المعلمون والاساتذة يعرفون ويهتمون بعملية التعليم. • هل المعلمون والاساتذة يعرفون ويهتمون بأبنائه
• هل المعلمون والاساتذة يهتمون بتنمية العلاقات مع الآباء. وسنتناول كل منها بشيء من التفصيل
أولاً: العملية التعليمية
• هل يظهر المعلمون والاساتذة اهتماما واستمتاعا بالتدريس وبما يبذلونه من جهد في المدرسة؟ فعلى المعلمين زالاساتذة أن يتحلوا بالابتسامة والشفافية في علاقاتهم مع أولياء الأمور، وربما دعوة بعض أولياء الأمور للمشاركة في سرد وقراءة القصص للطلبة في صفوف المرحلة الأولي من التعليم مما يضفي علي هذه العلاقة الطابع الإنساني الذي يعتبر ضروريا لتقوية الرابطة بينهما.
• هل يضع أو يحدد المعلمون والاساتذة مجموعة من التوقعات من الطلبة ويساعدونهم لبلوغها من خلال مناقشة ومشاركة الآباء في تحديد أهداف لتعليم أبنائهم؟ إذ يمكن للمعلم والاستاذة أن يبدأ بتحديد الأهداف البسيطة سهلة القياس مثل اختيار عدد من الكتب التي يقترح تحديدها للطلبة للقراءة أو موضوعات للكتابة، بالإضافة إلى إمكانية مشاركة الطلبة في الاختيار إذا أمكن ذلك.
• هل يعرف المعلمون وللاساتذة محتوى المواد الخاصة بكل صف وكيف يدرسونها وهل المعلم والاستاذقادر على شرح المناهج وتوضيح الكيفية التي تمكن أولياء الأمور من المشاركة في تعليم أبنائهم؟
• هل يهيئ المعلم والاستاذ بيئة صفية آمنة تشجع الطلبة لتوجيه المزيد من الاهتمام للتعلم؟ ولابد من دعوة الآباء ليروا كيف يتم تعليم أبنائهم في الصف خلال فعاليات اليوم المفتوح الذي تقيمه المدرسة أو غيره من الأنشطة مع تأكد المعلمين من وجود عدة طرق تجعل الطلبة يشاركون مشاركة فاعلة لتحقيق النجاح لعملية التعلم.
• هل يتناول ويعالج المعلمون والاساتذة المشاكل السلوكية بوضوح وبشكل مستمر، ومن خلال معرفة وفهم الطلبة لقوانين وأنظمة المدرسة وإعلام أولياء الأمور بها؟
• هل يحدد المعلمون والاساتذة واجبات منزلية، وهل تتسم هذه الواجبات بالوضوح مع تحديد الوقت الكافي لتنفيذها ، وهل يتم تسليمها في الوقت المحدد؟ ولابد أن يتأكد المعلم والاساتاذ أن الواجب المنزلي يؤدي إلى التعلم المنشود من خلال تحديد الهدف منه بشكل دقيق، ويمكن مناقشة جدول الواجبات مع أولياء الأمور، وتنفيذه من خلال الاتصال معهم وعن طريق دفتر التواصل.
• هل المعلم والاستاذ حدد بوضوح ما يتوقع من أبنائهم تعلمه، فأولياء الأمور يحتاجون إلى معرفة الممتاز والمتوسط والضعيف في أعمال أبنائهم، وإظهار هذه التوقعات من المعلمين والاساتذةيجعل الآباء والأبناء يعملون على رفع هذه المستويات من العمل.
ثانياً: الاهتمام بالأبناء:
• هل المعلم والاستاذ يفهم كيف يتعلم الأبناء، ويحاول الوصول إلى تحقيق احتياجاتهم؟ فعلى المعلم والاستاذ أن يعرف كافة التفاصيل عن الطلبة في الفصل من خلال تسجيل الملاحظات عن كل طالب داخل الصف وخارجه، وهذه المعلومات ضرورية لاستخدامها عند الاتصال بأولياء الأمور.
• هل يعامل المعلم والاستاذ الطالب بعداله واحترام فهنا تظهر أهمية الأنظمة الصفية لتأكيد العدالة في التعامل؟ عندما تحدد قدرات كل طفل بدقة، ويبنى عليها التقديرات الخاصة بأداء ه ، وهكذا ، فهنا يبنى جسر من التواصل بين المدرسة والبيت علي أساس من الثقة والإحترام.
• هل المعلم والاستاذ على اتصال مع أولياء الأمور بشكل مستمر حول الأمور المتعلقة بالأداء السلوكي والتعليمي للطالب ؟ ( فلا يريد أولياء الأمور أن يعرفوا في نهاية العام الدراسي فقط أن أبناءهم كانوا يعانون من مشاكل تتعلق بالتحصيل الدراسي).
• هل يستطيع المعلم والاستاذ أثناء الاجتماعات المدرسية تقديم معلومات مفيدة عن طلبته؟ فعلى المعلم أن يستخدم المعلومات الموجودة لديه حول كل طالب للثناء على أدائه ولمعالجة المشاكل التي يواجهها، ويجب أن يتشارك أولياء الأمور والمعلمون والاساتذة في وضع الحلول ، وكذلك إفساح المجال لأولياء الأمور لإبداء آرائهم لمساعدة المعلم.
• وهل يطلع المعلم والاستاذ أولياء الأمور عن مستوى أداء الأبناء في الصف ؟ كافة أولياء الأمور يريدون سماع أن أبناءهم يؤدون عملهم بشكل جيد، وأن مستوى تحصيلهم فوق المتوسط، وعلى المعلم والاستاذ مناقشة أولياء الأمور عما يستطيعون تقديمه لرفع مستوى تحصيل ابنائهم مع تقديم اقتراحات سهلة و عملية يستطيع أولياء الأمور تنفيذها.
ثالثاً: تنمية العلاقات مع أولياء الأمور
وحول هذه النقطة تأتي التساؤلات التالية
• هل يقدم المعلمون والاساتذة معلومات واضحة عن توقعاتهم من الصف؟ وهنا تبرز أهمية وجود توقعات أو نواتج مكتوبة تعطي معلومات عن المناهج، وأهدافها ومستويات تحصيل الطلبة العلمي، وسلوكهم في الصف، لكن بشكل مختصر ومحدد بقدر الإمكان، ويفضل أن يقدم المعلم والاستاذ تقريراً لكل ولي أمر، وأن يكون جاهزاً للرد على أسئلتهم.
• وهل يستخدم المعلم والاستاذ مجموعة متنوعة من أساليب الاتصال لتقديم التقارير للآباء وأولياء الأمور عن تقدم تعلم أبنائهم؟ ويفضل هنا استخدام وسائل متعددة كالمحاضرات، أو إرسال الملاحظات ، أو عن طريق البريد الإلكتروني،أو التليفون،أو عقد لقاءات، عن طريق دفتر التواصل، أو تحديد أيام معينة لمقابلة أولياء الأمور.
• وهل عمل المعلم والاستاذ مع أولياء الأمور يؤدي إلى خلق إستراتيجية للتعاون لمساعدة الطالب ؟ فعلى المعلم او الاستاذ أن يفهم الآباء أن كل شيء في التعليم لا يتم إلا بالتعاون بين المدرسة والمنزل ، بحيث يعملون معاً بشكل يحقق الدعم المتبادل. ما هو المدى الذي يمكن أن يحققه المعلم والاستاذ من هذه التوقعات لتحقيق النجاح لعملية التفاعل مع أولياء الأمور؟ حيث يرى الباحثون أن هناك أمور كثيرة مشتركة بين أولياء الأمور والمعلمين والاساتذة، فكل منهم يسعى لمصلحة الأبناء لكن هناك اختلاف في المنظور لدى أولياء الأمور من جهة والمعلمين والاساتذة من جهة أخرى، فاهتمام الوالدين ينصب على أبنائهم بالدرجة الأولى، أما اهتمام المعلمين فهو موجه إلى قاعات الدرس المعنية بأبناء الناس الآخرين، وغالباً يتوقع أولياء الأمور من معلم او استاذ معين أن يقوم بمعجزات أكاديمية لأبنائهم، بينما يتوقع أغلب المعلمون والاساتذة من الآباء والأمهات أن يتركوا كل شيء، وينظموا حملة لجمع التبرعات من أجل المدرسة.
ويرى الباحثون أن في معظم الأحوال يكون الاتصال الشخصي بين أولياء الأمور والمعلمين والاسلاذةمتردداً وغير مستمر، وتنقصه الصراحة والوضوح، وكلا الطرفين يخشى الصراع مع الطرف الآخر ويميل إلى الإقلال من المعلومات المهمة أو حجبها كلياً إن أحس أنها تؤدي إلى الخلاف، ولاسيما إذا كان الطرفان ينتميان إلى خلفية ثقافية مختلفة.
و لما كان المجتمع يلقي مسؤولية نجاح الأبناء وفشلهم على أولياء الأمور، فإنه يعطيهم الحق في التساؤل حول إمكانية المشاركة في تحديد أهداف التعليم واتجاهاته ومساراته، وكذلك إمكانية المساهمة في تطوير المناهج الدراسية والعمل على تحسين المستوى التحصيلى للأبناء، وطالما أن هذه التساؤلات مستبعدة عن إطار البحث والنقاش بين أولياء الأمور والمعلمين فإن العلاقة بينهما لا تكون كافية بدرجة تحقق المشاركة المتوقعة لدى كل من أولياء الأمور والمعلمين والاساتذة والمجتمع . ويتطلب من رجال التعليم بالتالي أن يمتلكوا المعرفة والمهارات والمواقف الضرورية للعمل مع أولياء الأمور، إذا أريد لبرامج المشاركة أن تنجح، وإعداد المعلمين والاساتذة في هذا الجانب هي مسألة تتعلق بالطرق والأساليب أكثر من أي شيء آخر، حيث إن إعداد المعلمين يجب أن يساعد المعلمين الجدد على تحقيق الوضع المهنى لأدوارهم من خلال المشاركة في الحوار مع أولياء الأمور و المجتمع المحلى، وينبغي على المعلمين أن يقتنعوا بأن دورهم هو التعاطف مع الآباء وتأييدهم( إذ تعنى الاحترافية أن المعلمين والاساتذة يكتسبون وضعهم من خلال المجتمع وليس على المجتمع).
وإذا أريد لمشاركة أولياء الأمور أن تنجح فإن على المعلمين والاساتذة أن :
• يفهموا أهداف مشاركة أولياء الأمور وأسبابها
• يتعلموا مهارات الاتصال الفردي والجماعي لاستخدامها مع أولياء الأمور الموجودين في بيئات ثقافية متباينة.
• يكتسبوا مهارات معينة في مجالات كتابة النشرات الدراسية التي سيقرأها أولياء الأمور، وفي تفسير الأهداف والمناهج التربوية حتى يفهمها الآباء، وتحديد الطرق التي يساعد بها الآباء أبناءهم ومدرسيهم ومدرستهم،و تنظيم وتيسير اجتماعات الآباء التي تشركهم وتخولهم بعض المسئوليات .
ويرى الباحثون أن هناك عدة أساليب يمكن أن تتبعها المدرسة لتسهم في تحقيق المشاركة الإيجابية والفعالة بين الآباء والمعلمين:
أولاً: أن تتسم برامج المدرسة بتقديم سلسلة من الأنشطة الترحيبية والدعوة المستمرة للآباء للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة التي يمكن الاستفادة من خلالها من خبراتهم المتعددة ووظائفهم التي يمارسونها، مثال المناسبات الدينية و الوطنية و الاجتماعية المختلفة .
ثانياً: التنمية المستمرة للعلاقة بين المعلم وأولياء الأمور من خلال اتباع نظام اتصال يعتمد على توجيه رسائل متعددة تبرز قدرة المعلم وخبرته في معالجة المشاكل الطلابية السلوكية.
ثالثاً: إبراز الخبرة التربوية الواضحة التي تساعد أولياء الأمور على فهم الحقائق النفسية والاجتماعية لأبنائهم، فعلى سبيل المثال يجب التوضيح للآباء والأمهات أن الأبناء في سن المراهقة يواجهون تحديات أكاديمية وخاصة عند الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، حيث يظهر المزيد من المتطلبات الأكاديمية مثل الواجبات،و البحوث وغيرها. بالإضافة إلى ما يواجه الطلبة في هذه المرحلة من أمور ترتبط بخصائص نفسية وسلوكية معينة مثل التمرد، والقابلية للعنف وتأثير علاقتهم بالأصدقاء، والرفقاء على شخصياتهم، لهذا فإن توضيح هذه الأمور للآباء من أساسيات عمل المعلم الذي يجب أن يراعي في اتصاله مع الآباء ليس للشكوى من انخفاض مستوى أداء الأبناء فقط، ولكن اتباع منهج الاتصال الدوري المستمر من خلال الاتصال الهاتفي، وإرسال تقارير التقدم الأكاديمي حتى يمكن توجيه الآباء إلى بذل المزيد من الجهد للتعاون مع المدرسة في حل تلك الصعوبات المتوقعة.
رابعاً: تتميز العلاقة بين المدرسة وأولياء الأمور بالفاعلية المستمرة عندما تركز على إظهار الجانب الإيجابي لأداء الأبناء، ولا يتم استدعاء أوليا ء الأمور فقط عندما تصادف الطالب مشكلة سلوكية معينة أو إبداء ملاحظات على مستواه الأكاديمي ، وهنا تظهر أهمية تخطيط المدرسة لتنمية العلاقة وتفعيلها بحد ذاتها ولكافة الأهداف.
خامساً: لابد أن تتسم تقديرات المعلم والاستاذ للأداء الأكاديمي و السلوكي لطلبته بالدقة المتناهية، وأن تشتمل إيضاحاته للآباء عن مقدار الجهد الذي يبذله الطالب وسلوكياته في الصف ومدى تحمله المسؤولية والقدرة على المشاركة في الأنشطة الصفية وغيرها لتتاح لأولياء الأمور الفرصة للتعرف على إمكانيات المعلم والاستاذ والثقة في أدائه مما يخلق شعوراً بالارتياح لدى الآباء، وبالتالي التوجه بإيجابية للتعاون مع المعلم ىالاستاذ حول تعليم أبنائهم.
الأساليب السابقة لا شك أنها ستحقق الهدف المنشود من إشراك أولياء الأمور في العملية التربوية، وهي تحسين المستوى التحصيلي للأبناء الذي تسعى إليه المدرسة والمجتمع بأكمله. إن كل ما ذكر في حاجة إلى إبداع وإضافة من المعلم يقوم بها كي يبلور ما تم ذكره من نقاط، وغالباً فالتجارب الشخصية المبدعة من المعلم والاستاذ تحقق الكثير، في طريق دعم العلاقة بين الآباء والمعلم والاستاذ، وقد كانت لي تجربة شخصية خلال عملي كمعلمة وأخصائية اجتماعية في إحدى مدارس البنات الحكومية فقد لاحظت أن اجتماعات مجالس الأمهات والمعلمات لم تكن تحظى بالاهتمام الكافي، وربما لا تتناول خصوصيات كل فصل وطالباته.لذلك عمدت إلى إقامة أمسيات بعد الدوام المدرسي ، يتم تنظيمها من قبل طالبات كل صف على حدة وفق برنامج زمني تنظمه إدراة المدرسة. وكانت هذه الأمسية مجالاً لإظهار قدرات وأنشطة طالباتي في الصف من خلال تنظيم الطالبات فقرات حفل يقدم في بداية الأمسية لا يتجاوز النصف ساعة. وكذلك تقوم طالبات الصف بإعداد الضيافة اللازمة وفقاً لأعمارهن، كما يقمن بتصميم بطاقات دعوة توجه من قبلهن.وفي ذلك اليوم يتم إعداد قاعة الفصل، بحيث تنظم الطاولات بجلسة مشتركة بين الأمهات وطالبات الصف وأعضاء الهيئة الإدارية. وتقوم المعلمة خلال هذه الأمسية باستعراض الجوانب الإيجابية لأداء الطالب، والإشارة إلى الصعوبات الأكاديمية أيضا إذا وجدت، ويكون هناك مجال لانتقال معلمات كل مادة بين الأمهات المتواجدات على كل طاولة.هذه الخطوة تعرف الأمهات بما يردن معرفته عن بناتهن، وكذلك تخلق علاقة بين المعلمة والأمهات للتعرف على ظروف كل طالبة من كل النواحي.وكذلك تعطي المجال للمدرسة للاستفادة من بعض الأمهات العاملات في بعض الوظائف أو صاحبات الهوايات في المساعدة في برامج المدرسة المختلفة وكانت هذة البداية لتحقيق التواصل مع الأمهات والعمل علي استمراره .
التوقيع
وقد أدي هذا إلى إحداث تغير متسارع في النظم والمعايير والمؤسسات الاجتماعية المختلفة وكان لوسائل الإعلام الدور الكبير في تبني هذه التغييرات وتحقيق الانفتاح الإعلامي والحضاري العالمي وما تطلبه ذلك من إعادة النظر في آليات إدارة الاقتصاد على المستوى الوطني والعالمي واستلزم ذلك كفايات علمية وتقنية متعددة فرضت على التعليم كعنصر من عناصر النظام الاجتماعي أن يسعى من خلال سياساته وبرامجه إلى تبنيها تحقيقا لمتطلبات السوق العالمي وكان على المؤسسات التربوية أن تضع استراتيجيات مختلفة ومتجددة للوصول إلى ذلك من خلال التركيز علي سبيل المثال وليس الحصر على الجوانب التالية :
• الابتعاد عن التلقين والتركيز علي تعليم كيفية التعلم.
• الاستفادة من المؤسسات المجتمعية والعمل علي إشراكها في تحقيق الأهداف.
واتجهت تبعا لذلك معظم الدول ألي إعادة النظر في أنظمتها التربوية ووضع خطط عاجلة للإصلاح التربوي خاصة وان التعليم قضية مجتمعية لابد أن يشارك فيها جميع الأطراف ( الأسرة والمدرسة –الهيئات الخاصة السياسيون والمثقفون وغيرهم).
وفي هذا الإطار أصبح العبء علي المدرسة كمؤسسة اجتماعية أكبر لكي تتسم بالفاعلية وان تكون ذات رؤية واضحة ومرنة تتطلب القيام بأدوار جديدة تنحي عن التقليدية المتمثلة في تعليم الأبناء العلوم والمعارف فقط و بشكل منفرد ولتحقيق ذلك تضمنت برامج التطوير التربوي أبعادا جديدة كان من أهمها إعطاء دور أكبر لأولياء الأمور للمساهمة في دعم العملية التعليمية من خلال المساندة والمتابعة المستمرة للتحصيل العلمي لا بنائهم وكذلك دعم دور المدرسة في المجتمع المحلي. فالمدرسة لا تستطيع تطوير عملها وتحقيق أهدافها والمضي قدما في هذا الطريق دون عمل مخطط وجهد منظم ومشترك مع أولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المحلي.
إن العمل علي تعزيز هذه الدور وتقويته يتطلب الوقوف على الأهداف المتوخاة من هذه المشاركة والتي نوضحها فيما يلي:
• تحسين الأداء الدراسي للأبناء فالعديد من الدراسات والبحوث التربوية تؤكد علي وجود علاقة إيجابية بين مشاركة أولياء الأمور ومستويات تحصيل الطلبة وسلوكياتهم واتجاهاتهم.
• والهدف الثاني يتمثل في إن مشاركة أولياء الأمور تعمل على زيادة دعم المجتمع للعملية التربوية التعليمية , حيث يسعي أولياء الأمور عن رضا وقناعة وتأييد تام إلى مساندة خطط إصلاح التعليم وتطويره وذلك من خلال تقديم الدعم المعنوي والمادي كلما أمكن ذلك.
ولدعم هذه المشاركة كان علي المدرسة والمعلمين أن يقفوا علي الأمور التي تهم أولياء الأمور فيما يتعلق بتعليم أبنائهم فقد تناولت إحدى الدراسات التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية هذا الشأن من خلال استبيان وزع علي أولياء الأمور هدف إلى الوقوف على رؤاهم واهتماماتهم فيما يتوقعونه من المعلمين وقد تضمن الاستبيان الآتي:-
• هل المعلمون والاساتذة يعرفون ويهتمون بعملية التعليم. • هل المعلمون والاساتذة يعرفون ويهتمون بأبنائه
• هل المعلمون والاساتذة يهتمون بتنمية العلاقات مع الآباء. وسنتناول كل منها بشيء من التفصيل
أولاً: العملية التعليمية
• هل يظهر المعلمون والاساتذة اهتماما واستمتاعا بالتدريس وبما يبذلونه من جهد في المدرسة؟ فعلى المعلمين زالاساتذة أن يتحلوا بالابتسامة والشفافية في علاقاتهم مع أولياء الأمور، وربما دعوة بعض أولياء الأمور للمشاركة في سرد وقراءة القصص للطلبة في صفوف المرحلة الأولي من التعليم مما يضفي علي هذه العلاقة الطابع الإنساني الذي يعتبر ضروريا لتقوية الرابطة بينهما.
• هل يضع أو يحدد المعلمون والاساتذة مجموعة من التوقعات من الطلبة ويساعدونهم لبلوغها من خلال مناقشة ومشاركة الآباء في تحديد أهداف لتعليم أبنائهم؟ إذ يمكن للمعلم والاستاذة أن يبدأ بتحديد الأهداف البسيطة سهلة القياس مثل اختيار عدد من الكتب التي يقترح تحديدها للطلبة للقراءة أو موضوعات للكتابة، بالإضافة إلى إمكانية مشاركة الطلبة في الاختيار إذا أمكن ذلك.
• هل يعرف المعلمون وللاساتذة محتوى المواد الخاصة بكل صف وكيف يدرسونها وهل المعلم والاستاذقادر على شرح المناهج وتوضيح الكيفية التي تمكن أولياء الأمور من المشاركة في تعليم أبنائهم؟
• هل يهيئ المعلم والاستاذ بيئة صفية آمنة تشجع الطلبة لتوجيه المزيد من الاهتمام للتعلم؟ ولابد من دعوة الآباء ليروا كيف يتم تعليم أبنائهم في الصف خلال فعاليات اليوم المفتوح الذي تقيمه المدرسة أو غيره من الأنشطة مع تأكد المعلمين من وجود عدة طرق تجعل الطلبة يشاركون مشاركة فاعلة لتحقيق النجاح لعملية التعلم.
• هل يتناول ويعالج المعلمون والاساتذة المشاكل السلوكية بوضوح وبشكل مستمر، ومن خلال معرفة وفهم الطلبة لقوانين وأنظمة المدرسة وإعلام أولياء الأمور بها؟
• هل يحدد المعلمون والاساتذة واجبات منزلية، وهل تتسم هذه الواجبات بالوضوح مع تحديد الوقت الكافي لتنفيذها ، وهل يتم تسليمها في الوقت المحدد؟ ولابد أن يتأكد المعلم والاساتاذ أن الواجب المنزلي يؤدي إلى التعلم المنشود من خلال تحديد الهدف منه بشكل دقيق، ويمكن مناقشة جدول الواجبات مع أولياء الأمور، وتنفيذه من خلال الاتصال معهم وعن طريق دفتر التواصل.
• هل المعلم والاستاذ حدد بوضوح ما يتوقع من أبنائهم تعلمه، فأولياء الأمور يحتاجون إلى معرفة الممتاز والمتوسط والضعيف في أعمال أبنائهم، وإظهار هذه التوقعات من المعلمين والاساتذةيجعل الآباء والأبناء يعملون على رفع هذه المستويات من العمل.
ثانياً: الاهتمام بالأبناء:
• هل المعلم والاستاذ يفهم كيف يتعلم الأبناء، ويحاول الوصول إلى تحقيق احتياجاتهم؟ فعلى المعلم والاستاذ أن يعرف كافة التفاصيل عن الطلبة في الفصل من خلال تسجيل الملاحظات عن كل طالب داخل الصف وخارجه، وهذه المعلومات ضرورية لاستخدامها عند الاتصال بأولياء الأمور.
• هل يعامل المعلم والاستاذ الطالب بعداله واحترام فهنا تظهر أهمية الأنظمة الصفية لتأكيد العدالة في التعامل؟ عندما تحدد قدرات كل طفل بدقة، ويبنى عليها التقديرات الخاصة بأداء ه ، وهكذا ، فهنا يبنى جسر من التواصل بين المدرسة والبيت علي أساس من الثقة والإحترام.
• هل المعلم والاستاذ على اتصال مع أولياء الأمور بشكل مستمر حول الأمور المتعلقة بالأداء السلوكي والتعليمي للطالب ؟ ( فلا يريد أولياء الأمور أن يعرفوا في نهاية العام الدراسي فقط أن أبناءهم كانوا يعانون من مشاكل تتعلق بالتحصيل الدراسي).
• هل يستطيع المعلم والاستاذ أثناء الاجتماعات المدرسية تقديم معلومات مفيدة عن طلبته؟ فعلى المعلم أن يستخدم المعلومات الموجودة لديه حول كل طالب للثناء على أدائه ولمعالجة المشاكل التي يواجهها، ويجب أن يتشارك أولياء الأمور والمعلمون والاساتذة في وضع الحلول ، وكذلك إفساح المجال لأولياء الأمور لإبداء آرائهم لمساعدة المعلم.
• وهل يطلع المعلم والاستاذ أولياء الأمور عن مستوى أداء الأبناء في الصف ؟ كافة أولياء الأمور يريدون سماع أن أبناءهم يؤدون عملهم بشكل جيد، وأن مستوى تحصيلهم فوق المتوسط، وعلى المعلم والاستاذ مناقشة أولياء الأمور عما يستطيعون تقديمه لرفع مستوى تحصيل ابنائهم مع تقديم اقتراحات سهلة و عملية يستطيع أولياء الأمور تنفيذها.
ثالثاً: تنمية العلاقات مع أولياء الأمور
وحول هذه النقطة تأتي التساؤلات التالية
• هل يقدم المعلمون والاساتذة معلومات واضحة عن توقعاتهم من الصف؟ وهنا تبرز أهمية وجود توقعات أو نواتج مكتوبة تعطي معلومات عن المناهج، وأهدافها ومستويات تحصيل الطلبة العلمي، وسلوكهم في الصف، لكن بشكل مختصر ومحدد بقدر الإمكان، ويفضل أن يقدم المعلم والاستاذ تقريراً لكل ولي أمر، وأن يكون جاهزاً للرد على أسئلتهم.
• وهل يستخدم المعلم والاستاذ مجموعة متنوعة من أساليب الاتصال لتقديم التقارير للآباء وأولياء الأمور عن تقدم تعلم أبنائهم؟ ويفضل هنا استخدام وسائل متعددة كالمحاضرات، أو إرسال الملاحظات ، أو عن طريق البريد الإلكتروني،أو التليفون،أو عقد لقاءات، عن طريق دفتر التواصل، أو تحديد أيام معينة لمقابلة أولياء الأمور.
• وهل عمل المعلم والاستاذ مع أولياء الأمور يؤدي إلى خلق إستراتيجية للتعاون لمساعدة الطالب ؟ فعلى المعلم او الاستاذ أن يفهم الآباء أن كل شيء في التعليم لا يتم إلا بالتعاون بين المدرسة والمنزل ، بحيث يعملون معاً بشكل يحقق الدعم المتبادل. ما هو المدى الذي يمكن أن يحققه المعلم والاستاذ من هذه التوقعات لتحقيق النجاح لعملية التفاعل مع أولياء الأمور؟ حيث يرى الباحثون أن هناك أمور كثيرة مشتركة بين أولياء الأمور والمعلمين والاساتذة، فكل منهم يسعى لمصلحة الأبناء لكن هناك اختلاف في المنظور لدى أولياء الأمور من جهة والمعلمين والاساتذة من جهة أخرى، فاهتمام الوالدين ينصب على أبنائهم بالدرجة الأولى، أما اهتمام المعلمين فهو موجه إلى قاعات الدرس المعنية بأبناء الناس الآخرين، وغالباً يتوقع أولياء الأمور من معلم او استاذ معين أن يقوم بمعجزات أكاديمية لأبنائهم، بينما يتوقع أغلب المعلمون والاساتذة من الآباء والأمهات أن يتركوا كل شيء، وينظموا حملة لجمع التبرعات من أجل المدرسة.
ويرى الباحثون أن في معظم الأحوال يكون الاتصال الشخصي بين أولياء الأمور والمعلمين والاسلاذةمتردداً وغير مستمر، وتنقصه الصراحة والوضوح، وكلا الطرفين يخشى الصراع مع الطرف الآخر ويميل إلى الإقلال من المعلومات المهمة أو حجبها كلياً إن أحس أنها تؤدي إلى الخلاف، ولاسيما إذا كان الطرفان ينتميان إلى خلفية ثقافية مختلفة.
و لما كان المجتمع يلقي مسؤولية نجاح الأبناء وفشلهم على أولياء الأمور، فإنه يعطيهم الحق في التساؤل حول إمكانية المشاركة في تحديد أهداف التعليم واتجاهاته ومساراته، وكذلك إمكانية المساهمة في تطوير المناهج الدراسية والعمل على تحسين المستوى التحصيلى للأبناء، وطالما أن هذه التساؤلات مستبعدة عن إطار البحث والنقاش بين أولياء الأمور والمعلمين فإن العلاقة بينهما لا تكون كافية بدرجة تحقق المشاركة المتوقعة لدى كل من أولياء الأمور والمعلمين والاساتذة والمجتمع . ويتطلب من رجال التعليم بالتالي أن يمتلكوا المعرفة والمهارات والمواقف الضرورية للعمل مع أولياء الأمور، إذا أريد لبرامج المشاركة أن تنجح، وإعداد المعلمين والاساتذة في هذا الجانب هي مسألة تتعلق بالطرق والأساليب أكثر من أي شيء آخر، حيث إن إعداد المعلمين يجب أن يساعد المعلمين الجدد على تحقيق الوضع المهنى لأدوارهم من خلال المشاركة في الحوار مع أولياء الأمور و المجتمع المحلى، وينبغي على المعلمين أن يقتنعوا بأن دورهم هو التعاطف مع الآباء وتأييدهم( إذ تعنى الاحترافية أن المعلمين والاساتذة يكتسبون وضعهم من خلال المجتمع وليس على المجتمع).
وإذا أريد لمشاركة أولياء الأمور أن تنجح فإن على المعلمين والاساتذة أن :
• يفهموا أهداف مشاركة أولياء الأمور وأسبابها
• يتعلموا مهارات الاتصال الفردي والجماعي لاستخدامها مع أولياء الأمور الموجودين في بيئات ثقافية متباينة.
• يكتسبوا مهارات معينة في مجالات كتابة النشرات الدراسية التي سيقرأها أولياء الأمور، وفي تفسير الأهداف والمناهج التربوية حتى يفهمها الآباء، وتحديد الطرق التي يساعد بها الآباء أبناءهم ومدرسيهم ومدرستهم،و تنظيم وتيسير اجتماعات الآباء التي تشركهم وتخولهم بعض المسئوليات .
ويرى الباحثون أن هناك عدة أساليب يمكن أن تتبعها المدرسة لتسهم في تحقيق المشاركة الإيجابية والفعالة بين الآباء والمعلمين:
أولاً: أن تتسم برامج المدرسة بتقديم سلسلة من الأنشطة الترحيبية والدعوة المستمرة للآباء للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة التي يمكن الاستفادة من خلالها من خبراتهم المتعددة ووظائفهم التي يمارسونها، مثال المناسبات الدينية و الوطنية و الاجتماعية المختلفة .
ثانياً: التنمية المستمرة للعلاقة بين المعلم وأولياء الأمور من خلال اتباع نظام اتصال يعتمد على توجيه رسائل متعددة تبرز قدرة المعلم وخبرته في معالجة المشاكل الطلابية السلوكية.
ثالثاً: إبراز الخبرة التربوية الواضحة التي تساعد أولياء الأمور على فهم الحقائق النفسية والاجتماعية لأبنائهم، فعلى سبيل المثال يجب التوضيح للآباء والأمهات أن الأبناء في سن المراهقة يواجهون تحديات أكاديمية وخاصة عند الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، حيث يظهر المزيد من المتطلبات الأكاديمية مثل الواجبات،و البحوث وغيرها. بالإضافة إلى ما يواجه الطلبة في هذه المرحلة من أمور ترتبط بخصائص نفسية وسلوكية معينة مثل التمرد، والقابلية للعنف وتأثير علاقتهم بالأصدقاء، والرفقاء على شخصياتهم، لهذا فإن توضيح هذه الأمور للآباء من أساسيات عمل المعلم الذي يجب أن يراعي في اتصاله مع الآباء ليس للشكوى من انخفاض مستوى أداء الأبناء فقط، ولكن اتباع منهج الاتصال الدوري المستمر من خلال الاتصال الهاتفي، وإرسال تقارير التقدم الأكاديمي حتى يمكن توجيه الآباء إلى بذل المزيد من الجهد للتعاون مع المدرسة في حل تلك الصعوبات المتوقعة.
رابعاً: تتميز العلاقة بين المدرسة وأولياء الأمور بالفاعلية المستمرة عندما تركز على إظهار الجانب الإيجابي لأداء الأبناء، ولا يتم استدعاء أوليا ء الأمور فقط عندما تصادف الطالب مشكلة سلوكية معينة أو إبداء ملاحظات على مستواه الأكاديمي ، وهنا تظهر أهمية تخطيط المدرسة لتنمية العلاقة وتفعيلها بحد ذاتها ولكافة الأهداف.
خامساً: لابد أن تتسم تقديرات المعلم والاستاذ للأداء الأكاديمي و السلوكي لطلبته بالدقة المتناهية، وأن تشتمل إيضاحاته للآباء عن مقدار الجهد الذي يبذله الطالب وسلوكياته في الصف ومدى تحمله المسؤولية والقدرة على المشاركة في الأنشطة الصفية وغيرها لتتاح لأولياء الأمور الفرصة للتعرف على إمكانيات المعلم والاستاذ والثقة في أدائه مما يخلق شعوراً بالارتياح لدى الآباء، وبالتالي التوجه بإيجابية للتعاون مع المعلم ىالاستاذ حول تعليم أبنائهم.
الأساليب السابقة لا شك أنها ستحقق الهدف المنشود من إشراك أولياء الأمور في العملية التربوية، وهي تحسين المستوى التحصيلي للأبناء الذي تسعى إليه المدرسة والمجتمع بأكمله. إن كل ما ذكر في حاجة إلى إبداع وإضافة من المعلم يقوم بها كي يبلور ما تم ذكره من نقاط، وغالباً فالتجارب الشخصية المبدعة من المعلم والاستاذ تحقق الكثير، في طريق دعم العلاقة بين الآباء والمعلم والاستاذ، وقد كانت لي تجربة شخصية خلال عملي كمعلمة وأخصائية اجتماعية في إحدى مدارس البنات الحكومية فقد لاحظت أن اجتماعات مجالس الأمهات والمعلمات لم تكن تحظى بالاهتمام الكافي، وربما لا تتناول خصوصيات كل فصل وطالباته.لذلك عمدت إلى إقامة أمسيات بعد الدوام المدرسي ، يتم تنظيمها من قبل طالبات كل صف على حدة وفق برنامج زمني تنظمه إدراة المدرسة. وكانت هذه الأمسية مجالاً لإظهار قدرات وأنشطة طالباتي في الصف من خلال تنظيم الطالبات فقرات حفل يقدم في بداية الأمسية لا يتجاوز النصف ساعة. وكذلك تقوم طالبات الصف بإعداد الضيافة اللازمة وفقاً لأعمارهن، كما يقمن بتصميم بطاقات دعوة توجه من قبلهن.وفي ذلك اليوم يتم إعداد قاعة الفصل، بحيث تنظم الطاولات بجلسة مشتركة بين الأمهات وطالبات الصف وأعضاء الهيئة الإدارية. وتقوم المعلمة خلال هذه الأمسية باستعراض الجوانب الإيجابية لأداء الطالب، والإشارة إلى الصعوبات الأكاديمية أيضا إذا وجدت، ويكون هناك مجال لانتقال معلمات كل مادة بين الأمهات المتواجدات على كل طاولة.هذه الخطوة تعرف الأمهات بما يردن معرفته عن بناتهن، وكذلك تخلق علاقة بين المعلمة والأمهات للتعرف على ظروف كل طالبة من كل النواحي.وكذلك تعطي المجال للمدرسة للاستفادة من بعض الأمهات العاملات في بعض الوظائف أو صاحبات الهوايات في المساعدة في برامج المدرسة المختلفة وكانت هذة البداية لتحقيق التواصل مع الأمهات والعمل علي استمراره .
التوقيع