أسَيْد بن حُضَيْر رضي الله عنه
" نعم الرجل أسيد بن حضير " حديث شريف
أسَيْد بن الحُضَير بن سمّاك الأوسي الأنصاري أبوه حضير الكتائب زعيم الأوس، وكان واحدا من أشـراف العـرب في الجاهلية وورث أسيد عن أبيـه مكانته وشجاعته وجـوده، فكان قبل إسلامه من زعماء المدينة وأشـراف العـرب، ورماتها الأفذاذ، كان أحد الاثني عشـر نقيباً حيث شهد العقبـة الثانية، وشهد أحداً وثبت مع الرسـول الكريم حيث انكشف الناس عنه وأصيب بسبع جراحات.
إسلامه
أرسل الرسول مصعب بن عمير الى المدينة ليعلم المسلمين الأنصار الذين بايعوا الرسول في بيعة العقبة الأولى، وليدعو غيرهم إلى الإيمان، ويومئذ كان يجلس أسيد بن حضير وسعد بن معاذ وكانا زعيمي قومهما يتشاوران بأمر الغريب الآتي، الذي يدعو لنبذ دين الآباء والأجداد وقال سعد اذهب إلى هذا الرجل وازجره).
وحمل أسيد حربته وذهب إلى مصعب الذي كان في ضيافة أسعد بن زرارة وهو أحد الذين سبقوا في الإسلام، ورأى أسيد جمهرة من الناس تصغي باهتمام لمصعب-رضي الله عنه- وفاجأهم أسيد بغضبه وثورته، فقال له مصعبهل لك في أن تجلس فتسمع، فان رضيت أمرنا قبلته،وان كرهته كففنا عنك ما تكره) فقال أسيد الرجل الكامل بعد غرس حربته في الأرضلقد أنصفت، هات ما عندك) وراح مصعب يقرأ من القرآن، ويفسر له دعوة الدين الجديد، حتى لاحظ الحاضرين في المجلس، الإسلام في وجه أسيد قبل أن يتكلم، فقد صاح أسيد مبهوراما أحسن هذا الكلام وأجمله، كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟) فقال له مصعبتطهر بدنك،وثوبك وتشهد شهادة الحق ثم تصلي) فقام أسيد من غير إبطاء فاغتسل وتطهر، ثم سجد لله رب العالمين.
إسلام سعد
وعاد أسيد إلى سعد بن معاذ الذي قال لمن معهأقسم، لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به) وهنا استخدم أسيد ذكاءه ليدفع بسعد إلى مجلس مصعب سفير الرسول لهم، ليسمع ما سمع من كلام الله، فهو يعلم بأن أسعد بن زرارة هو ابن خالة سعد بن معاذ، فقال أسيد لسعد لقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وهم يعلمون أنه ابن خالتك) وقام سعد وقد أخذته الحمية، فحمل الحربة وسار مسرعا إلى أسعد حيث معه مصعب والمسلمين، ولما اقترب لم يجد ضوضاء، وانما سكينة تغشى الجماعة، وآيات يتلوها مصعب في خشوع، وهنا أدرك حيلة أسيد، وما كاد أن يسمع حتى شرح صدره للإسلام، وأخذ مكانه بين المؤمنين السابقين.
قراءة القرآن
وكان الاستماع إلى صوت أسيد -رضي الله عنه- وهو يرتل القرآن إحدى المغانم الكبرى، وصوته الخاشع الباهر أحسن الناس صوتاً، قال: قرأت ليلة سورة البقرة، وفرس مربوط ويحيى ابني مضطجع قريب منّي وهو غلام، فجالت الفرس فقمتُ وليس لي همّ إلا ابني، ثم قرأتُ فجالتِ الفرسُ فقمتُ وليس لي همّ إلا ابني، ثم قرأتُ فجالت الفرسُ فرفعتُ رأسي فإذا شيء كهيئة الظلّة في مثل المصابيح مقبلٌ من السماء فهالني، فسكتُ، فلمّا أصبحتُ غدوتُ على رسول الله فأخبرته، فقالاقرأ أبا يحيى) فقلتقد قرأتُ فجالتِ الفرس فقمتُ وليس لي همّ إلا ابني) فقال : (اقرأ أبا يحيى) فقلتُ قد قرأتُ فجالت الفرس؟) فقالاقرأ أبا يحيى) فقلت قد قرأتُ فرفعتُ رأسي فإذا كهيئة الظلّة فيها المصابيح فهالني) فقال تلك الملائكة دَنَوْا لصوتك، ولو قرأتَ حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم!).
فضله
عن أنس بن مالك قال كان أسيد بن حضير وعبّاد بن بشر عند رسول الله في ليلة ظلماء حِنْدِس، فتحدّثنا عنده حتى إذا خرجا أضاءتْ عَصَا أحدهما فمشيا في ضوئها ، فلمّا تفرَّق لهما الطريق أضاءت لكلّ واحدٍ منهما عَصَاه فمشى في ضوئها).
القصاص
كان أسيد رجلاً صالحاً مليحاً، فبينما هو عند رسول الله يُحدّث القومَ ويُضحكهم،فطعن رسولُ الله في خاصرته، فقالأوجَعْتَني!) قالاقتصَّ) قاليا رسول الله عليك قميصٌ ولم يكن عليّ قميص) فرفع رسول الله قميصه، فاحتضنَهُ ثم جعل يقبّل كشحتَهُ فقالبأبي أنت وأمي يا رسول الله أردت هذا).
غزوة بدر
لقي أسيد بن الحضير رسـول اللـه حين أقبل من بدر، فقالالحمدُ للـه الذي أظفرك وأقرَّ عينك، واللـه يا رسـول اللـه ما كان تخلّفي عن بدر، وأنا أظنّ أنك تلقى عدوّاً، ولكن ظننتُ أنّها العير، ولو ظننتُ أنّه عدوّ ما تخلّفت) فقال رسـول اللـه صدقت).
غزوة بني المصطلق
كان يتمتع -رضي الله عنه- بحلم وأناة وسلامة في التقدير،ففي غزوة بني المصطلق أثار عبد الله بن أبي الفتنة، فقد قال لمن معه من أهل المدينة لقد أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دياركم، أما والله لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) سمع هذا الكلام الصحابي الجليل زيد بن أرقم وقد كان غلاما فأخبر الرسول بذلك، وتألم الرسول كثيرا، وقابله أسيـد فقال له الرسـول الكريـمأوما بلغـك ما قال صاحبكـم) قالوأي صاحـب يا رسـول اللـه) قالعبد اللـه بن أبي) قالوما قال ؟) قال الرسـول زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعـز منها الأذل ) فقال أسيـد فأنت يا رسول الله تخرجه منها إن شئت،هو والله الذليل وأنت العزيز)ثم قاليا رسـول الله،أرفق به،فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه، فانه ليرى أنك قد استلبته ملكا).
يوم السقيفة
وفي يوم السقيفة، أثر وفاة الرسول حيث أعلن فريق من الأنصار على رأسهم سعد بن عبادة أحقيتهم بالخلافة، وطال الحوار، واحتدم النقاش، كان موقف أسيد وهو الزعيم الأنصاري موقفا واضحا وحاسما، فقد قال للأنصار من قومه تعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين، فخليفته إذن ينبغي أن يكون من المهاجرين، ولقد كنا أنصار رسول الله، وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته) فكانت كلماته بردا وسلاما.
وفاته
في شهر شعبان عام عشرين للهجرة مات أسيد -رضي الله عنه- وأبى أمير المؤمنين عمر إلا أن يحمل نعشه فوق كتفه، وتحت ثرى البقيع وارى الأصحاب جثمان مؤمن عظيم، وقد هلك أسيد -رضي الله عنه- وترك عليه أربعة آلاف درهم دَيْناً، وكان ماله يُغِلُّ كل عامٍ ألفاً، فأرادوا بيعه، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فبعث إلى غرمائه فقالهل لكم أن تقبضوا كل عام ألفاً فتستوفون في أربع سنين؟) قالوانعم يا أمير المؤمنين) فأخروا ذلك فكانوا يقبضون كل عامٍ ألفاً.
" نعم الرجل أسيد بن حضير " حديث شريف
أسَيْد بن الحُضَير بن سمّاك الأوسي الأنصاري أبوه حضير الكتائب زعيم الأوس، وكان واحدا من أشـراف العـرب في الجاهلية وورث أسيد عن أبيـه مكانته وشجاعته وجـوده، فكان قبل إسلامه من زعماء المدينة وأشـراف العـرب، ورماتها الأفذاذ، كان أحد الاثني عشـر نقيباً حيث شهد العقبـة الثانية، وشهد أحداً وثبت مع الرسـول الكريم حيث انكشف الناس عنه وأصيب بسبع جراحات.
إسلامه
أرسل الرسول مصعب بن عمير الى المدينة ليعلم المسلمين الأنصار الذين بايعوا الرسول في بيعة العقبة الأولى، وليدعو غيرهم إلى الإيمان، ويومئذ كان يجلس أسيد بن حضير وسعد بن معاذ وكانا زعيمي قومهما يتشاوران بأمر الغريب الآتي، الذي يدعو لنبذ دين الآباء والأجداد وقال سعد اذهب إلى هذا الرجل وازجره).
وحمل أسيد حربته وذهب إلى مصعب الذي كان في ضيافة أسعد بن زرارة وهو أحد الذين سبقوا في الإسلام، ورأى أسيد جمهرة من الناس تصغي باهتمام لمصعب-رضي الله عنه- وفاجأهم أسيد بغضبه وثورته، فقال له مصعبهل لك في أن تجلس فتسمع، فان رضيت أمرنا قبلته،وان كرهته كففنا عنك ما تكره) فقال أسيد الرجل الكامل بعد غرس حربته في الأرضلقد أنصفت، هات ما عندك) وراح مصعب يقرأ من القرآن، ويفسر له دعوة الدين الجديد، حتى لاحظ الحاضرين في المجلس، الإسلام في وجه أسيد قبل أن يتكلم، فقد صاح أسيد مبهوراما أحسن هذا الكلام وأجمله، كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟) فقال له مصعبتطهر بدنك،وثوبك وتشهد شهادة الحق ثم تصلي) فقام أسيد من غير إبطاء فاغتسل وتطهر، ثم سجد لله رب العالمين.
إسلام سعد
وعاد أسيد إلى سعد بن معاذ الذي قال لمن معهأقسم، لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به) وهنا استخدم أسيد ذكاءه ليدفع بسعد إلى مجلس مصعب سفير الرسول لهم، ليسمع ما سمع من كلام الله، فهو يعلم بأن أسعد بن زرارة هو ابن خالة سعد بن معاذ، فقال أسيد لسعد لقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وهم يعلمون أنه ابن خالتك) وقام سعد وقد أخذته الحمية، فحمل الحربة وسار مسرعا إلى أسعد حيث معه مصعب والمسلمين، ولما اقترب لم يجد ضوضاء، وانما سكينة تغشى الجماعة، وآيات يتلوها مصعب في خشوع، وهنا أدرك حيلة أسيد، وما كاد أن يسمع حتى شرح صدره للإسلام، وأخذ مكانه بين المؤمنين السابقين.
قراءة القرآن
وكان الاستماع إلى صوت أسيد -رضي الله عنه- وهو يرتل القرآن إحدى المغانم الكبرى، وصوته الخاشع الباهر أحسن الناس صوتاً، قال: قرأت ليلة سورة البقرة، وفرس مربوط ويحيى ابني مضطجع قريب منّي وهو غلام، فجالت الفرس فقمتُ وليس لي همّ إلا ابني، ثم قرأتُ فجالتِ الفرسُ فقمتُ وليس لي همّ إلا ابني، ثم قرأتُ فجالت الفرسُ فرفعتُ رأسي فإذا شيء كهيئة الظلّة في مثل المصابيح مقبلٌ من السماء فهالني، فسكتُ، فلمّا أصبحتُ غدوتُ على رسول الله فأخبرته، فقالاقرأ أبا يحيى) فقلتقد قرأتُ فجالتِ الفرس فقمتُ وليس لي همّ إلا ابني) فقال : (اقرأ أبا يحيى) فقلتُ قد قرأتُ فجالت الفرس؟) فقالاقرأ أبا يحيى) فقلت قد قرأتُ فرفعتُ رأسي فإذا كهيئة الظلّة فيها المصابيح فهالني) فقال تلك الملائكة دَنَوْا لصوتك، ولو قرأتَ حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم!).
فضله
عن أنس بن مالك قال كان أسيد بن حضير وعبّاد بن بشر عند رسول الله في ليلة ظلماء حِنْدِس، فتحدّثنا عنده حتى إذا خرجا أضاءتْ عَصَا أحدهما فمشيا في ضوئها ، فلمّا تفرَّق لهما الطريق أضاءت لكلّ واحدٍ منهما عَصَاه فمشى في ضوئها).
القصاص
كان أسيد رجلاً صالحاً مليحاً، فبينما هو عند رسول الله يُحدّث القومَ ويُضحكهم،فطعن رسولُ الله في خاصرته، فقالأوجَعْتَني!) قالاقتصَّ) قاليا رسول الله عليك قميصٌ ولم يكن عليّ قميص) فرفع رسول الله قميصه، فاحتضنَهُ ثم جعل يقبّل كشحتَهُ فقالبأبي أنت وأمي يا رسول الله أردت هذا).
غزوة بدر
لقي أسيد بن الحضير رسـول اللـه حين أقبل من بدر، فقالالحمدُ للـه الذي أظفرك وأقرَّ عينك، واللـه يا رسـول اللـه ما كان تخلّفي عن بدر، وأنا أظنّ أنك تلقى عدوّاً، ولكن ظننتُ أنّها العير، ولو ظننتُ أنّه عدوّ ما تخلّفت) فقال رسـول اللـه صدقت).
غزوة بني المصطلق
كان يتمتع -رضي الله عنه- بحلم وأناة وسلامة في التقدير،ففي غزوة بني المصطلق أثار عبد الله بن أبي الفتنة، فقد قال لمن معه من أهل المدينة لقد أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دياركم، أما والله لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) سمع هذا الكلام الصحابي الجليل زيد بن أرقم وقد كان غلاما فأخبر الرسول بذلك، وتألم الرسول كثيرا، وقابله أسيـد فقال له الرسـول الكريـمأوما بلغـك ما قال صاحبكـم) قالوأي صاحـب يا رسـول اللـه) قالعبد اللـه بن أبي) قالوما قال ؟) قال الرسـول زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعـز منها الأذل ) فقال أسيـد فأنت يا رسول الله تخرجه منها إن شئت،هو والله الذليل وأنت العزيز)ثم قاليا رسـول الله،أرفق به،فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه، فانه ليرى أنك قد استلبته ملكا).
يوم السقيفة
وفي يوم السقيفة، أثر وفاة الرسول حيث أعلن فريق من الأنصار على رأسهم سعد بن عبادة أحقيتهم بالخلافة، وطال الحوار، واحتدم النقاش، كان موقف أسيد وهو الزعيم الأنصاري موقفا واضحا وحاسما، فقد قال للأنصار من قومه تعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين، فخليفته إذن ينبغي أن يكون من المهاجرين، ولقد كنا أنصار رسول الله، وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته) فكانت كلماته بردا وسلاما.
وفاته
في شهر شعبان عام عشرين للهجرة مات أسيد -رضي الله عنه- وأبى أمير المؤمنين عمر إلا أن يحمل نعشه فوق كتفه، وتحت ثرى البقيع وارى الأصحاب جثمان مؤمن عظيم، وقد هلك أسيد -رضي الله عنه- وترك عليه أربعة آلاف درهم دَيْناً، وكان ماله يُغِلُّ كل عامٍ ألفاً، فأرادوا بيعه، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فبعث إلى غرمائه فقالهل لكم أن تقبضوا كل عام ألفاً فتستوفون في أربع سنين؟) قالوانعم يا أمير المؤمنين) فأخروا ذلك فكانوا يقبضون كل عامٍ ألفاً.